05 أغسطس 2024

السعودية 2.0: من مملكة النفط إلى إمبراطورية البيانات

تخيل أنك تقف على حافة صحراء الربع الخالي في السعودية.، سترى آبار النفط تمتد إلى الأفق. في المستقبل إن شاء الله، في عام 2030، المشهد مختلف تمامًا. مراكز بيانات ضخمة تنتصب وسط الرمال، أبراجها تلمع تحت شمس الصحراء القاسية. هذا، هو وجه السعودية الجديد، وجه يتحول من لون النفط الأسود إلى اللون الأزرق الرقمي للبيانات.
 لنضع الأمور في منظورها الصحيح. في النصف الأول من عام 2024 وحده، أنفقت عمالقة التكنولوجيا الأربعة الكبار - مايكروسوفت وألفابيت وأمازون وميتا - أكثر من 106 مليار دولار على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. هذا الرقم يجعل إنتاج النفط يبدو وكأنه لعبة أطفال.
 والآن، تدخل السعودية الحلبة بقوة، معلنة عن صندوق بقيمة 40 مليار دولار للاستثمار في الذكاء الاصطناعي. كما قال الأمير محمد بن سلمان في مقابلته مع الإعلاميين السعوديين قبل سنتين : "مثلما كنا روادًا في صناعة النفط، نطمح أن نكون روادًا في عصر الذكاء الاصطناعي." 
 لكن المال وحده لا يكفي. وكما يُقال: يمكنك شراء الحاسوب، لكنك لا تستطيع شراء الابتكار. وهنا يأتي دور التعليم والابتكار المحلي.
 في مارس 2024، أعلنت IBM عن استثمار 200 مليون دولار في مختبر برمجيات جديد في الرياض. هذا المختبر ليس مجرد مبنى آخر، إنه مصنع لصناعة المستقبل. كما قال لي أحد الأصدقاء المنخرطين في المشروع: "نحن لا نتعلم فقط كيفية استخدام التكنولوجيا، بل كيفية اختراعها."
 وهذا يقودنا إلى شركة Nybl، التي اندمجت مؤخرًا مع Basserah. هذه الشركات الناشئة هي بذور الغد، تنمو اليوم في تربة التكنولوجيا السعودية، على أمل أن تصبح غابات وارفة في المستقبل.
 لكن التحدي الأكبر ليس تقنيًا، بل استراتيجي. كيف ستضمن السعودية سيادتها الرقمية في عالم تهيمن عليه شركات التكنولوجيا العملاقة؟ هنا يبرز دور "سدايا وذراعها مركز المعلومات الوطني"، كيان وطني يدير ثروة البيانات السعودية كما تدير أرامكو ثروة النفط.
 وماذا عن التحول الاقتصادي؟ سمعت من معالي ياسر الرميان محافظ صندوق الاستثمار العامة في منزل صديق مشترك: "نحن لا نستبدل النفط بالبيانات فحسب، بل نعيد تعريف مفهوم الثروة نفسه." قلت في نفسي: هذا التحول أشبه بمحاولة تحويل سفينة عملاقة في وسط المحيط؛ يتطلب رؤية ثاقبة وصبرًا طويلًا.
 في النهاية، قد تكون السعودية في وضع فريد لتقديم نموذج جديد للعالم، نموذج يجمع بين التقدم التكنولوجي والقيم التقليدية، بين الابتكار العالمي والهوية المحلية. 
 وهكذا، بينما تواصل الرمال تحركها في صحراء السعودية، فإن التحول الأكبر يحدث في فضاء البيانات والخوارزميات. من الذهب الأسود إلى الذهب الرقمي، السعودية تكتب فصلًا جديدًا في تاريخها وتاريخ المنطقة بأكملها.
 وفي نهاية المطاف، قد نكتشف أن أثمن مورد في السعودية ليس ما تحت أرضها، بل ما في عقول شعبها. وهذا، هو المورد الحقيقي الذي لا ينضب أبدًا.

4 دقيقة قراءة

الكاتب

اينشتاين السعودي

@SaudiEinestine

مشاركة المقالة عبر

Leaving SaudiEinstein Your about to visit the following url Invalid URL

Loading...
تعليقات


Comment created and will be displayed once approved.

مقالات مقترحة

جميع المقالات

© جميع الحقوق محفوظة ٢٠٢٤