في الثالث والعشرين من يوليو 2025، لم يُحذف بيان... بل شُطِب تاريخ. لم تُمحَ جملة... بل خُنقت لحظة صدق، وانطفأ ضوءٌ كان يمكن أن يوقظ النائمين. ما فعله الأزهر في تلك الليلة ليس قرارًا إداريًا، بل جريمة روحية مكتملة: كتب الإمام عن الإبادة... ثم خاف من صوته. لم يُهدَّد. لم يُمنع. فقط... ارتجف، وضغط زرّ الحذف. وحين ماتت الجملة، ماتت غزة مرّة أخرى. ومات الإمام معها.
---
الفصل الأول: حذف لا يُمحى
البيان لم يكن سياسيًا. لم يكن انفعالًا شعبويًا. كان أخيرًا بيانًا يقول الحقيقة: "إبادة جماعية"، "مجاعة مفروضة"، "أطفال تنهشهم الكلاب"، "خيانة إنسانية كبرى".
عشرون شهرًا من الصمت... ثم كلمات تليق بمؤسسة عمرها ألف عام.
لكن تلك الكلمات... اختفت.
لا اعتذار.
تنويه مرتبك.
لا حتى تعديل.
كلام بوزن الصمت الثقيل كجثة لم يُعترف بقتلها.
لحظة الحذف لم تكن خللًا. بل إعدامًا.
الإمام أمام الشاشة.
يقرأ ما كتبه.
يتردد.
الهاتف يرن... أو ربما خوفه.
يمدّ إصبعه... يرتجف... ثم يضغط.
Delete.
في تلك اللحظة، لم يُقتل البيان فقط... بل خُلع الأزهر من ضمير أمّته.
---
الفصل الثاني: المسرحية: حين يصبح الكذب أخطر من الحذف
لكنّ الفضيحة لم تقف عند الخوف.
بل تدهورت إلى مسرحية رديئة... ضرب عصفورين بسَفالة واحدة.
العصفور الأول: دفن فضيحة الحذف
العصفور الثاني: ابتزاز السعودية
تم استدعاء تركي آل الشيخ، لا لأنه فعل شيئًا، بل لأنه:
- سعودي (عدو جاهز في المخيال الوطني)
- ثري (يثير الحسد)
- ناجح (يثير الغيظ)
- قديم في الذاكرة (أزمة بيراميدز 2018)
أُعِدّ السيناريو بسرعة، كتبه تهامي منتصر، ذلك الهجين العجيب: صحفي بأجندة أمنية، موظف دولة بقلم مأجور، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بلا علم ديني ولا ضمير صحفي:
"تركي جاء، عرض 5 مليارات، طلب أن تُدار القناة من هيئة الترفيه، الإمام عضّ على النواجذ، طرده بعد 30 دقيقة، أبلغ الدولة!"
والماكينة انطلقت:
تهامي يكتب.
فاطمة الحسني تبكي بَوَله مراهقة سياسية.
الشركة المتحدة تصرخ.
اللجان الإلكترونية تنشر.
الشعب يُخدَّر.
والحقيقة؟
أننا لم نشترِ قناة... بل بعنا البيان.
ولم نحفظ الكرامة... بل اشترينا الصمت.
---
الفصل الثالث: تغريدة أسقطت دولة
حين توقّعوا أن تركي سينكر بهدوء... كتب جملة واحدة:
"عندما يصل الخيال والغباء لمرحلة صعبة... فغير مستغرب أي شيء 👍"
انتهى كل شيء.
لا تكذيب.
لا تهديد.
فقط احتقار راقٍ دمّر حملة إعلامية كاملة.
ففي سبع كلمات... سقطت المخابرات.
وفي إيموجي ساخر... تحوّل الإمام من بطل ملفَّق إلى رجل بلا صوت.
من يخاف من البيان... يخاف من التغريدة.
من يحذف كلمة... يسقط أمام ابتسامة.
---
الفصل الرابع: الحسد كسياسة، والحذف كإستراتيجية
لماذا الآن؟ لماذا الكذبة؟ لماذا الفوضى؟
لأن في اليوم ذاته:
- وزير الاستثمار السعودي يوقّع بمليارات في دمشق
- 300 رجل أعمال سعودي يبنون سوريا
- أحمد الشرع يظهر كرئيس بلا بدلك عسكرية ولا خُطب التبرير
- موسم الرياض يُطلق بدون مصري واحد
هنا بُني نموذج:
- مؤسسي لا شخصي
- شفاف لا غامض
- استثماري لا خيري
- سيادي لا تبعي
وهناك حُذفت جملة.
الحسد انتقل من الشارع... إلى المخابرات.
من يُرمّم العروبة بالمنطق لا بالابتزاز... يُحسد.
من يبني حيث يرى المصلحة... يُحسد.
من لا يرضخ لابتزاز العمامة... يُحسد.
ونحن؟ نتسوّل بالإفتاء... ونبتزّ بالعمامة... ونبيع الصمت بقناة.
---
الفصل الخامس: الطفل الذي مات أربع مرات
في غزة، طفلٌ ينتظر.
جائع. محاصر. مذعور.
ينتظر من الأزهر بيانًا يُنصفه أمام الله.
جاء نداء أبو عبيدة للعلماء... وخصّ الإمام.
صدر البيان.
ثم حُذف.
ثم اختُلق مشهد البطولة.
ثم قيل للإمام: "مبروك القناة".
وقال الطفل، من تحت الأنقاض:
كنت أنتظرك. فخذلتني... أربع مرّات.
1. مات بالقذيفة الإسرائيلية
2. مات بالجوع والحصار
3. مات بحذف البيان
4. مات بالكذبة التي غطّت الحذف
أربع موتات... وألف خيانة.
---
الفصل السادس: نحن... الذين رأينا وسكتنا
لا يكفي أن نلوم الأزهر.
لا يكفي أن نشتم المخابرات.
نحن أيضًا كتبنا فصول هذه المهزلة:
- رأينا البيان يُحذف... وصمتنا
- رأينا الكذبة تُصاغ... وضحكنا
- رأينا الإمام يُمنَح قناة... وباركنا
- رأينا الحقيقة تُدفَن... وشاركنا في الجنازة
كل "لايك" على الكذبة... شهادة زور.
كل صمت عن الحذف... خيانة.
كل تصفيق للمسرحية... مشاركة في الجريمة.
معبر رفح محتل منذ مايو... ونحن نتفرج.
غزة تُباد... ونحن نحذف البيانات.
الأطفال يُنهشون... ونحن نخترع البطولات.
الفصل السابع: من يكتب البيان القادم... ومن لن يحذفه؟
ربما يُكتب بيان جديد يومًا ما.
لكن الخوف ليس من عدم الكتابة...
بل من أن يكتبوه... ثم يخافوا... ثم يحذفوه.
وأن نقرأه... ثم نمرّ عليه... ثم نصمت.
فمن سيكتب البيان القادم؟
ومن سيجرؤ أن يُبقيه منشورًا؟
ومن سيمنع إصبعه من أن يرتجف؟
ومن سيقول: إن كتبتُ... فلن أحذف؟
ومن سيجرؤ أن ينظر في وجه الطفل ويقول له:
"لم أكن أنا من خذلك."
هل سيكون ذلك أنت؟
أم أنك... كنت هناك؟
ورأيت؟
وسكت؟
---
ملحوظة أخيرة
النهضة لا تُشترى ببيان... ولا تُباع عبر قناة... ولا تُهزم بشائعة.
والحقيقة:
السعودية لم تعرض قناة... بل قدّمت نموذجًا.
وتركي لم يُطرد... بل فضح نظامًا.
والإمام لم يرفض... بل رُفض ضميره.
ومصر لم تنتصر... بل انكشف عارها.
اللهم لا شماتة...
ولكن من يحاول اغتيال الحقيقة بسَفالة واحدة...
يستحق أن يُصفع بسبع كلمات.