الصحونجية وفن المعارضة الناعمة: يد تصفق والأخرى تخنق

 
 في مسرح الحياة السعودية، يقف الصحونجي متقن الأداء، يصفق بيد للرؤية ويخنقها بالأخرى. إنه فنان المعارضة الناعمة، يتقن الرقص على الحبال المشدودة بين الماضي والمستقبل. يقول "نعم" بصوت عالٍ، و"لا" بهمس خفي. هو كمن يقود سيارته وعينه على المرآة الخلفية، يسير للأمام وقلبه في الخلف!
 
 تراه يبتسم للتغيير ابتسامة عريضة، لكنها ابتسامة التمساح قبل أن ينقض على فريسته. يتحدث عن التطور بلسان معسول، وكأنه يقدم الحلوى المسمومة لطفل بريء. هو خبير في صناعة الـ"لكن" - تلك الكلمة السحرية التي تحول كل إنجاز إلى هباء، وكل خطوة إلى تعثر.
 
 الصحونجي المعاصر أشبه بالنعامة التي تخفي رأسها في الرمال، لكنها تترك مؤخرتها عارية للعالم. يظن أنه يخدع الجميع، وهو في الحقيقة لا يخدع سوى نفسه. يرتدي ثوب الحداثة، لكن عقله لا يزال يعيش في كهوف الماضي. إنه كمن يحاول قيادة سيارة تسلا بعقلية سائق الجمل!
 
 في قاموس الصحونجي، كلمة "تطوير" تعني "تدمير"، و"انفتاح" تترجم إلى "انحلال". هو يرى في كل خطوة نحو المستقبل تهديداً لماضيه المقدس. وكأن التاريخ توقف عند لحظة معينة، وكل ما بعدها هو انحراف عن الصراط المستقيم. نسي - أو تناسى - أن الحياة كالدراجة، إن توقفت عن التحرك، وقعت!
 
 الصحونجي خبير في فن الـ"نعم، ولكن". نعم للتقدم، ولكن ليس الآن. نعم للتغيير، ولكن بشروطنا. نعم للرؤية، ولكن دعونا نعدلها قليلاً - أو كثيراً. إنه كمن يريد أن يأكل الكعكة ويحتفظ بها في نفس الوقت. يريد أن يركب موجة التغيير، لكنه يخشى أن تبتل قدماه!
 
 في النهاية، الصحونجي هو ضحية نفسه قبل أن يكون عقبة في طريق الآخرين. هو أسير أفكاره القديمة، محبوس في سجن صنعه بيديه. يخشى المستقبل لأنه لا يفهمه، ويتمسك بالماضي لأنه الوحيد الذي يعرفه. لكن التاريخ لا يرحم المترددين، والزمن لا ينتظر المتلكئين.
 
 إن معارضة الصحونجية الناعمة هي كالسم في العسل، خطرة لأنها خفية. لكن الوعي هو الترياق، والتقدم هو الحل. فليصفقوا بيد واحدة ما شاؤوا، فالتصفيق الحقيقي يحتاج ليدين، ومستقبل الوطن أكبر من أن يختنق بأيدي الماضي.