16 سبتمبر 2025

بنات السمسونايت MMM.. والشوقر دادي: صراف آلي بكرش وصلعة وحبة زرقاء

 ⛔️ +18 فقط ⛔️
ثمة مشهد منفر بات يتكرر ويتكاثر في السنوات الأخيرة، خصوصًا في العواصم السياحية الكبرى؛ باريس أو لندن أو حتى دبي: شيخ ستيني "متصابي" بكرش يسبق قدميه، أصلع رغم كل محاولات الزراعة، يظن نفسه سائحًا مثقفًا نخبويًا، بينما هو في الحقيقة مجرد بطاقة ائتمان تمشي على الرصيف. يمسك بيد زوجته في صورة عائلية، بينما تنتظره في فندق قريب فتاة عشرينية يعرفها البنك أكثر مما يعرفه قلبها. يسمي نفسه عاشقًا، وهي تسميه - في قائمة التحويلات- “مصدر دخل ثابت”.  
في باريس، يختفي بحجة “اجتماع مع فلان”. الحقيقة: ثلاث دقائق من المسرح الرخيص في جناح الفندق، يعود بعدها متظاهرًا أنه كان يتأمل في رفوف مكتبة قديمة. أي مفارقة أبلغ من شيخٍ يظن نفسه ديكارت وهو بالكاد يُحسن قراءة الساعة التي يضبط بها موعد الحبة الزرقاء؟
هذا هو “الشوقر دادي”: كازانوفا عصر الكريديت كارد. رجل يشتري وهم الفحولة باليورو، ويبيع لنفسه حكاية العاشق الفاتن. لكنه في الحقيقة ماكينة صراف تمشي على قدمين؛ يغذي غروره بصوت صراخ مصطنع وخربشة أظافر مدفوعة الثمن، ثم يخرج مزهوًا كأنه أنجز ملحمة، بينما حبيبته المؤقتة تُرسل لصديقاتها: "التحويل وصل… خلوني أتحمّم وأجيكم، ريحة هالشايب ما تنطاق”.
ومن طرائف السوق أن الظاهرة لم تعد مقتصرة على الشيخ العابر، بل صارت لها ملحقات بشرية تسافر معه. تسمعهم في لندن وباريس يُلقَّبون بـ”بنات السمسونايت”. المصطلح وحده فضيحة: حقيبة أنيقة فيها ما لذّ وطاب من المستحضرات، لكن الجوهر مختصر بثلاثة أحرف: MMM، أي “محفول، مكفول، مشره”. كأنك تصف وجبة سريعة، لا إنسانة. الفتاة تأتي مجهزة من المطار: التذاكر مدفوعة، الفندق مضمون، والمصاريف مفتوحة. دورها الوحيد أن تمثل في دقائق  “اللقاء”، ثم تعود للغرفة لتشحن هاتفها وتنتظر إشعار البنك. هي ليست أكثر من سلعة تحملها الحقيبة: مستحضرات تجميل، كعب عالٍ، وقليل من الصراخ المتفق عليه.
المشهد أوسع من نزوة: إنه اقتصاد متكامل. الفتاة تشتري بالمال الذي وصل للتو حقيبة “شانيل”، وتذهب بها إلى شاب في عمرها، وسيم، معضل، لا يملك سوى “عضلاته وهرموناته”. يسمونه “الألفا”، وهو لا يدفع ريالًا، لكنه يحصد المتعة الصافية. أي عبث أشد من هذا؟ الشيخ يدفع لغيره كي يقطف ثمار وهمه. كمن يستأجر أرضًا ويزرعها، ثم يمنح الحصاد مجانًا لجاره.
وهنا يظهر البعد النفسي: الشيخ لا يبحث عن اللذة فقط، بل عن هزيمة الزمن. يريد أن يقنع نفسه أنه ما زال مرغوبًا كما كان في العشرينات، فيختار فتيات في عمر أحفاده. أما الفتاة، فتلعب الدور بمهارة مزدوجة: أمامه بائعة وقت تؤدي مشهدًا مصطنعًا، ومع “الألفا” بنت حرة تضحك بصدق. هو يشتري التمثيل، وهي تمنح الضحك الحقيقي لغيره. أي مفارقة أوجع من شيخ يمول ضحكة لا يسمعها؟
وليس غريبًا أن هذا النمط يتكاثر في مدن الرأسمالية المتأخرة. فالرجل الذي يكدّس الثروة دون روح، يبحث عن استهلاك حتى في الحب. العلاقة تحولت إلى سلعة: وقت بالساعة، شهوة بالدقيقة. نسخة مطوّرة من وكر الدعارة القديم، لكن ببطاقة ائتمان وبهو فندق خمس نجوم.
تاريخيًا، كانت الرجولة رمز السيادة: العرب أنشدوا في المعلقات، الرومان تباهوا بقوة جنودهم، حتى ملوك فرنسا تركوا خلفهم عشاقًا وعشيقات. اليوم؟ شيخ أصلع يحاول إقناع نفسه أنه “لويس الرابع عشر” بينما بالكاد يحتمل دقائق من التمثيل. إنه انقلاب ساخر: من إمبراطور يصنع حضارة إلى زبون يتسوّل لحظة وهم.
الحقيقة المرة: أن ما يُسمى “شوقر دادي” ليس إلا مسرحية فاشلة: متصابي يشتري وهم الفحولة، وفتاة تبيع وهم الأنوثة، و”ألفا بوي” يضحك آخر الليل على الحساب. والمفارقة أنّ الشيخ الذي جمع الملايين ليشتري “حبًا مضمونًا”، انتهى به الأمر كالعريس الذي دفع المهر والذهب، ثم ترك “ليلة الدخلة” لجاره الألفا. 

ويبقى السؤال للقراء: ماتحليلكم لهذه الظاهرة وأسبابها؟ وطرق علاجها؟ ومدى انتشارها؟وشاركونا بمشاهداتكم. 

5 دقيقة قراءة

الكاتب

اينشتاين السعودي

@SaudiEinestine

مشاركة المقالة عبر

Leaving اينشتاين السعودي Your about to visit the following url Invalid URL

Loading...
تعليقات


Comment created and will be displayed once approved.

مقالات مقترحة

جميع المقالات

© جميع الحقوق محفوظة 2025 | اينشتاين السعودي