29 مارس 2025

المصريون يبكون على "بلبن" ونحن نبكي على عقولهم!

في بلدٍ تُغلق فيه المطاعم لو طارت ذبابة فوق طاسة الشوربة، يأتيك من يقول: "أعطوا #بلبن فرصة"! قُل لي بالله عليك: ما نوع الفرصة التي تريدها؟ فرصة لتسميم المزيد من السعوديين؟ أم فرصة لتطوير سلالة جديدة من البكتيريا المصرية المقاومة للمضادات الحيوية؟! أم فرصة لنثبت أننا مجتمع يقدّر الإسهال الجماعي؟! أم فرصة لتعلمنا أن نبتلع السم مع الابتسامة خوفاً من "زعل الأشقاء"؟!
خرجت علينا أصوات مصرية - وليتها بقيت في حناجرها - تصرخ عبر تويتر وفيسبوك: "السعوديون يغارون من نجاح بلبن"! يا سبحان الله... نغار من لبن وحلويات متعفنة؟! أي منطق هذا؟!
"دي فيها شبهة سياسية"، "أصل دي حملة ممنهجة ضد المصريين"... حتى اللبن أصبح جزءًا من منظومة المظلومية، وكأن الجرثومة باتت شعارًا وطنيًا يُدافع عنه! وبعد قليل سنسمع أن "المخابرات السعودية دست السم في الحلويات المصرية"! 
شركة مصرية تُصدّر إلينا "لبناً مُحلّى بالسالمونيلا" ثم تغضب حين نرفضه! من أرض الفراعنة إلى أرض (بلبن)… هل هذه هي الحضارة التي تُدافع عن الأكل المسموم؟
وهنا أسألكم: حين أغلقت البلدية مطاعم سعودية يملكها أمراء ومشاهير ووجهاء، هل كان ذلك "مؤامرة داخلية سعودية"؟ حين أُغلقت مطاعم الكبسة والجريش والمرقوق، هل كانت تلك "حرباً من ماسونيين سعوديين على الأكل الشعبي الوطني"؟! 
في الرياض نبحث عن الجراثيم لا عن الجنسيات، نلاحق التلوث لا الهويات! نحن لا نطبق قانون "اللي ما يعرف الصقر يشويه"، بل نطبق قانون "اللي ما يعرف النظافة نشويه هو وبضاعته!"
الفرق بيننا كبير: أنتم تحولون أزمة صحية إلى نشيد وطني، ونحن نحولها إلى ملف قانوني. أنتم تصنعون من المخالف بطلاً، ونحن نصنع منه عبرة. أنتم تؤلفون قصائد الرثاء على "شهيد اللبن المعفن"، ونحن ندفن الموضوع في مقبرة المخالفات بلا احتفالية. أنتم تبحثون عن مؤامرة في كل قرار، ونحن نبحث عن القرار الصحيح في كل أزمة.
وللمصريين العقلاء نقول: المعركة ليست بين مصر والسعودية، بل بين "الصلاحية" و"عدم الصلاحية"، بين معمل ينتج الجودة ومعمل ينتج الإسهال! 
لو تسمم سعوديون من مطعم إيطالي أو هندي لأغلقناه بنفس السرعة، وعملية بحث سريعة ستظهر لكم النتائج، وذاك لأن بطون مواطنينا ليست ساحة تجارب للمطابخ المتهالكة!
إن أردتم الاستثمار في السعودية، فمرحباً بكم، لكن بشرط واحد: أن تحترموا أمعاءنا كما نحترم قوانيننا. نحن نفتح حدودنا للاستثمار، لا للإسهال الجماعي... ومن يرغب في بناء إمبراطورية من كعك الفيسبوك وحلويات الهاشتاق المسموم، فليبنها في بلاده. أما هنا، فالمطبخ النظيف هو جواز المرور الوحيد إلى جيوبنا قبل بطوننا!
غير أن المشكلة الحقيقية ليست في لبن فاسد أو حلويات ملوثة... المشكلة في عقول تفسد الحقائق البسيطة وتحوّلها إلى قضايا سيادية! فحين تصبح الجرثومة هوية وطنية تُدافع عنها الجماهير، فاعلم أن المرض أعمق من تلوث غذائي... إنه تلوث فكري!

4 دقيقة قراءة

الكاتب

اينشتاين السعودي

@SaudiEinestine

مشاركة المقالة عبر

Leaving SaudiEinstein Your about to visit the following url Invalid URL

Loading...
تعليقات


Comment created and will be displayed once approved.

مقالات مقترحة

جميع المقالات

© جميع الحقوق محفوظة ٢٠٢٤