07 أغسطس 2024

الهوية الوطنية: العرضة على أنغام الجيتار

 يا سادة، نحن اليوم نعاني من انفصام الهوية الوطنية! كأننا نحاول أداء العرضة على أنغام الجيتار؛ فلا العرضة بقت أصيلة، ولا الجيتار يبدو غربيًا. 
 
 نحن كالبعير الذي يحاول ارتداء بدلة سبايدرمان، "لا شكله شكل البعير، ولا هو يطير"!
 
 في جانب، نجد "اللاكنيين": بقايا الصحوة المتخفية في المكاتب. يرددون "نعم للرؤية، ولكن..." وهذه الـ"لكن" أثقل من فيل في مصعد مكتظ! يريدون مكاسب الرؤية بشرط ألا تغير شيئاً. كأنهم يطالبون بتحديث الهاتف الأرضي ليصبح ذكياً، بشرط أن يبقى مربوطاً بالحائط!
 
 وفي الجانب الآخر، نجد المهووسين بالتغريب. يرتدون الجينز ويتحدثون الإنجليزية المكسرة في مجالسهم، ويعتبرون كل ما هو تقليدي 'رجعياً'. كأنهم يحاولون استبدال القهوة العربية بالقهوة الأمريكية المخلوطة بالهيل والزعفوان!
 
 النتيجة؟ هوية مشوهة كوجبة في مطعم مختل عقلياً: الشكل برجر أمريكي، والحشوة كبسة سعودية، والتوابل هندية. خلطة تجعل المعدة الثقافية تصرخ استغاثة كصرخة مؤذن اكتشف أن مكبر الصوت موصول بمحطة روك أند رول!
 
 لماذا نعجز عن فهم أن الهوية الحقيقية ليست في التقليد الأعمى ولا في التغريب المفرط؟ انظروا لليابان، يصنعون الروبوتات ويحافظون على طقوس الشاي التقليدية. أما نحن، فنستورد التكنولوجيا ونخترع تقاليد جديدة ونسميها "أصيلة"، هل هذه سعودة التقدم أو أننا نحاول تعليم الهجن سباق الفورمولا 1 ونسميه "تطوير الرياضات التراثية"!
 
 ما نحتاجه حقاً هو ثورة ثقافية. نحتاج تعليماً يزرع الفكر النقدي، لا مجرد حشو الرؤوس بمعلومات أقدم من آثار مدائن صالح! نحتاج أن نكون كالنحل؛ نمتص رحيق الثقافات الأخرى لننتج عسلاً بنكهة سعودية أصيلة.
 
 هل نحن مستعدون لإيجاد توازن حقيقي بين هويتنا وعصرنا؟ أم سنظل نتأرجح بين طرفي نقيض: إما التشبث بالماضي كأننا نعيش في متحف، أو الانسلاخ عن جذورنا كأننا بلا تاريخ؟ 
 
 الحل: أن نكون كشجرة النخيل راسخة الجذور في أرضها، وسامقة الفروع نحو السماء. نحافظ على أصالتنا ونواكب العصر في آن واحد، كاليابانيين الذين يصنعون الروبوتات ويحافظون على طقوس الشاي التقليدية.
 
 تذكروا: الهوية ليست قميصاً نرتديه، بل هي جلدنا الذي ينمو معنا. إما أن نتطور كالفراشة التي تتحول وتتجدد محافظة على جوهرها وروحها، أو سنبقى شرانق فارغة معلقة على شجرة التاريخ، كديكور قديم في معرض للفن الحديث!
 
 في النهاية، علينا أن نصنع قهوتنا الثقافية بأنفسنا، نمزج فيها عبق الماضي بنكهة الحاضر. وإلا سنظل كمن يشرب الشاي الإنجليزي من فنجان القهوة العربية، ثم يقول "أحس فيه شي غلط".

3 دقيقة قراءة

الكاتب

اينشتاين السعودي

@SaudiEinestine

مشاركة المقالة عبر

Leaving SaudiEinstein Your about to visit the following url Invalid URL

Loading...
تعليقات


Comment created and will be displayed once approved.

مقالات مقترحة

جميع المقالات

© جميع الحقوق محفوظة ٢٠٢٤