عصر ما بعد العمل: هل ستكون الأموال المجانية بوليصة تأمين ضد الانقراض البشري؟
تخيل أن تستيقظ صباحاً لتجد ألف دولار في حسابك البنكي، دون أي شروط أو التزامات. هذا ليس حلماً أو مشهداً من فيلم خيال علمي، بل واقع عاشه آلاف الأمريكيين كجزء من تجربة جريئة أطلقها سام ألتمان، الرجل الذي يقف خلف OpenAI وChatGPT.
لكن لماذا يقوم رجل أعمال ناجح بتوزيع الأموال مجاناً؟ هل هو كرم حاتمي أم استراتيجية ذكية لمواجهة المستقبل؟ الإجابة تكمن في رؤية ألتمان للغد - عالم يهيمن عليه الذكاء الاصطناعي وتحل فيه الآلات محل البشر في معظم الوظائف. إنه يعتقد أن الدخل الأساسي الشامل قد يكون طوق النجاة الوحيد لتجنب كارثة اجتماعية واسعة النطاق.
الذكاء الاصطناعي: النعمة أم النقمة؟
تخيل عالماً أصبحت فيه الآلات أذكى من البشر في كل شيء. هذا هو ما يتوقعه ألتمان وغيره من خبراء التكنولوجيا. يرون أن الذكاء الاصطناعي العام (AGI) والذكاء الاصطناعي الفائق (ASI) سيغيران وجه العالم بشكل جذري. لكن هل سيكون هذا التغيير نعمة أم نقمة؟
من ناحية، قد يؤدي AGI وASI إلى حل مشاكل عويصة كالأمراض المستعصية وتغير المناخ. لكن من ناحية أخرى، قد يتسببان في بطالة جماعية غير مسبوقة. تخيل مليارات البشر بلا عمل، بلا دخل، بلا هدف. هل سيكون هذا بداية النهاية للحضارة البشرية؟
تجربة ألتمان: هل الأموال المجانية هي الحل؟
هنا يأتي دور تجربة ألتمان الجريئة. فكرته بسيطة: إذا كانت الآلات ستأخذ وظائفنا، فلماذا لا نأخذ جزءاً من أرباحها؟ لماذا لا نوزع هذه الأرباح على الجميع في شكل دخل أساسي شامل؟
لكن هل يمكن للأموال المجانية أن تحل مشكلة البطالة الجماعية؟ هل ستكون كافية لتوفير حياة كريمة للجميع؟ وماذا عن الجانب النفسي والاجتماعي؟ هل سيشعر الناس بالرضا والسعادة دون عمل؟
نتائج التجربة: بصيص أمل أم سراب؟
النتائج الأولية لتجربة ألتمان كانت مشجعة. الناس استخدموا الأموال لتلبية احتياجاتهم الأساسية، للحصول على رعاية صحية أفضل، ولمساعدة أحبائهم. لكن هل يمكن تعميم هذه النتائج على نطاق أوسع؟
تخيل لو أن كل شخص في العالم حصل على ألف دولار شهرياً. هل سيؤدي ذلك إلى تضخم هائل يلتهم قيمة هذه الأموال؟ هل سيقتل الحافز للعمل والإبداع؟ أم أنه سيحرر الناس من ضغوط الحياة اليومية ويطلق العنان لإبداعاتهم؟
السيناريوهات المحتملة: جنة أرضية أم جحيم تكنولوجي؟
لنتخيل سيناريوهين متناقضين:
1. السيناريو المتفائل: الدخل الأساسي الشامل يوفر شبكة أمان للجميع. الناس يتحررون من ضغوط العمل ويتفرغون للإبداع والفن والعلم. المجتمع يزدهر بأفكار جديدة وابتكارات رائعة.
2. السيناريو المتشائم: الدخل الأساسي يؤدي إلى كسل جماعي. المجتمع ينقسم إلى طبقتين: نخبة تسيطر على الذكاء الاصطناعي، وأغلبية تعيش على الإعانات. الإبداع يموت والحضارة تتراجع.
أي من هذين السيناريوهين أقرب للواقع؟ هل يمكننا تجنب المخاطر وجني الفوائد؟
أسئلة للمستقبل
في النهاية، تجربة ألتمان تثير أسئلة أكثر مما تقدم إجابات:
- هل يمكن للمال وحده أن يحل مشاكل البطالة الجماعية؟
- كيف سنعيد تعريف معنى العمل والإنجاز في عصر الذكاء الاصطناعي؟
- هل سيؤدي الدخل الأساسي إلى مجتمع أكثر عدلاً أم سيزيد من التفاوت الاجتماعي؟
- كيف يمكننا ضمان توزيع عادل لثمار الثورة التكنولوجية؟
هذه الأسئلة ليست مجرد تساؤلات فلسفية. إنها ستحدد شكل مستقبلنا وربما مصير الحضارة البشرية.
التغيير قادم. الذكاء الاصطناعي يتقدم. والوقت ينفد. هل سنكون مستعدين؟ هل ستكون الأموال المجانية هي الحل السحري أم مجرد مسكن مؤقت؟ الإجابة، كما يقول ألتمان، قد تحدد ما إذا كنا سننجو من "الثورة الصناعية الرابعة" أم سنصبح ضحاياها.