02 أغسطس 2024

عندما يصبح الشباب ضيوفاً في مستشفيات الشيخوخة.. نداء إلى الجيل Z

 تخيل معي أنك تقف على حافة هاوية زمنية، تنظر إلى الوراء نحو عام 1920 وإلى الأمام نحو عام 2030. ما تراه ليس مجرد تغير في الأزياء أو التكنولوجيا، بل ثورة صامتة تجري في أعماق خلايانا. إنها قصة جيلين: جيل عاش حتى التسعين دون أن يعرف معنى كلمة "كولسترول"، وجيل آخر يواجه شبح السرطان قبل أن يبلغ الثلاثين.
 
 دعونا نغوص في أعماق دراستين حديثتين تكشفان حقائق مذهلة عن هذا التحول الدراماتيكي في صحة الأجيال. الدراسة الأولى، التي نشرتها مجلة "لانسيت للصحة العامة"، تضرب بيد من حديد على طاولة الحقائق. تخيل أن شاباً ولد في عام 1990 لديه ضعف فرصة الإصابة بسرطان القولون وأربعة أضعاف فرصة الإصابة بسرطان المستقيم مقارنة بشخص ولد في عام 1950. هل تدرك معنى هذا؟ إنها ثورة صامتة في أجسادنا، ثورة تغير قواعد اللعبة الصحية بأكملها.
 
 لكن لماذا؟ هنا تأتي الدراسة الثانية من الجمعية الأمريكية للسرطان لتكمل الصورة. إنها تشير بإصبع الاتهام إلى 17 نوعاً من السرطان تزداد في الأجيال الأصغر سناً، معظمها مرتبط بالسمنة. تخيل أن جيل الألفية لديه ضعف خطر الإصابة بسرطانات مثل البنكرياس والمرارة والكلى مقارنة بجيل طفرة المواليد عند نفس العمر. إنه كما لو أن أجسادنا أصبحت حقول ألغام، وكل وجبة سريعة هي خطوة في حقل ملغوم.
 
 لكن دعونا نتوقف قليلًا. هل نحن أمام معادلة غريبة حيث كلما تقدمنا في التكنولوجيا والرفاهية، تراجعنا في الصحة والعافية؟ هل أصبحت أجسادنا ضحية لنجاحنا الحضاري؟ في العقود الأخيرة، شهدنا تغييرات جذرية في أنماط حياتنا. النظام الغذائي الغني بالوجبات السريعة والمشروبات المحلاة، والاعتماد على نمط الحياة القليل الحركة، كلها عوامل تزيد من خطر الإصابة بالسرطان، وخاصة بين الأجيال الشابة.
 
 الدراستان لا تكتفيان بتشخيص المرض، بل تقدمان خارطة طريق للعلاج. إنهما تدعوان إلى إعادة النظر في برامج الفحص المبكر للسرطان. تخيل أن فحص سرطان القولون قد يصبح روتيناً للشباب في الثلاثينات من العمر. هل هذا هو المستقبل الذي نريده لأطفالنا؟ ينبغي أن نعيد التفكير في كيفية تناولنا للطعام، ونشجع على النشاط البدني منذ سن مبكرة.
 
 لكن الأمر لا يتوقف عند حدود الفحص. الدراستان تؤكدان على أهمية التدخل المبكر. فالعادات التي نكتسبها في سنوات عمرنا الأولى قد تحدد مصيرنا الصحي لعقود قادمة. هل هذا يعني أن مدارسنا وجامعاتنا يجب أن تصبح خطوط دفاع أمامية في الحرب ضد السرطان؟ إن تعزيز الوعي بأهمية الغذاء الصحي والنشاط البدني يجب أن يكون جزءاً أساسياً من التعليم.
 
 لنتأمل في هذه الحقيقة: إذا استمرت هذه الاتجاهات، فقد نشهد انقلاباً في الهرم السكاني الصحي. بدلاً من أن يكون كبار السن هم من يملأون المستشفيات، قد نرى غرف العناية المركزة تعج بالشباب في الثلاثينات والأربعينات. هل نحن مستعدون لمثل هذا التحول الجذري في نظمنا الصحية والاجتماعية؟ ماذا يعني أن يصاب شخص بالسرطان في ذروة سنوات إنتاجيته؟ كيف سيؤثر ذلك على الاقتصاد العالمي؟ على أنظمة التقاعد؟ على الابتكار والإنتاجية؟
 
 لكن دعونا لا ننسى الجانب المشرق. الدراستان تشيران إلى أن معدلات بعض السرطانات غير المرتبطة بالسمنة إما استقرت أو انخفضت في الأجيال الأصغر سناً. هذا يعني أننا قادرون على إحداث تغيير إيجابي. السؤال هو: هل لدينا الإرادة؟ هل نحن على استعداد لاتخاذ الخطوات اللازمة للحد من هذه المخاطر؟
 
 نحن أمام معركة لا تقل أهمية عن معارك التنمية الاقتصادية والتطور التكنولوجي. إنها معركة من أجل صحة أجيالنا القادمة. الحقيقة المرة هي أننا قد نكون أول جيل في التاريخ يعيش أقل من آبائه إذا لم نتحرك بسرعة. فهل سنختار أن نكون جيل التغيير، الذي يعكس منحنى السرطان المتصاعد؟ أم سنستمر في الانجراف مع تيار العادات السيئة، متجاهلين صفارات الإنذار التي تطلقها هذه الدراسات؟
 
 تذكر، كل وجبة تختارها، كل ساعة تقضيها في ممارسة الرياضة، هي تصويت لمستقبلك الصحي. فهل ستكون صوتك في هذا الاقتراع الحيوي لصالح الحياة أم لصالح المرض؟ الساعة تدق، وكل ثانية تمر هي فرصة لاتخاذ قرار. فهل ستكون قرارك التالي خطوة نحو مستقبل أكثر صحة، أم ستكون مجرد إحصائية أخرى في دراسة مستقبلية عن وباء السرطان في القرن الحادي والعشرين؟ الخيار لجيل Z بين يديك. فماذا ستختار؟
 
 شكرا للبروفيسور فهد الخضيري على تنبيهنا للموضوع :
 
 https://t.co/MBJIeALgy0
 

5 دقيقة قراءة

الكاتب

اينشتاين السعودي

@SaudiEinestine

مشاركة المقالة عبر

Leaving SaudiEinstein Your about to visit the following url Invalid URL

Loading...
تعليقات


Comment created and will be displayed once approved.

مقالات مقترحة

جميع المقالات

© جميع الحقوق محفوظة ٢٠٢٤