لم يكن أحد يتصور أن تُقصف الدوحة بصواريخ إسرائيلية. الضربة لم تُنهِ قيادة «حماس»، لكنها فرضت قمة عربية-إسلامية طارئة، وأعادت السؤال: هل نكتفي بالشجب أم نردع؟
اجتمع خصوم وأضداد على طاولة واحدة؛ من الخليج إلى إيران وتركيا. الخطابات جاءت غاضبة ومكررة، تعيد إلى الأذهان بيانات قمم سابقة لم تغيّر شيئًا.
الرياض لم تنتظر. فور العدوان، اتصل ولي العهد بأمير قطر واصفًا الضربة بأنها «جريمة وانتهاك صارخ»، مؤكداً أن المملكة «تضع جميع إمكاناتها للوقوف مع قطر». ثم تحت قبة الشورى أعلن أن «لا سلام دون دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس». هذا موقف عملي سبق الجميع ورسم السقف السياسي، وعندما حضر القمة كان يؤكد خطًا أعلنه بالفعل، لا يكتفي بالانضمام إلى الإجماع.
البيان الختامي بدا بلا أظافر: إدانة، تضامن، تمسك بحل الدولتين. لكنه ضم جملة لافتة: أن العدوان «يقوّض فرص السلام ويهدد كل ما تم إنجازه على طريق إقامة علاقات طبيعية، بما في ذلك الاتفاقات القائمة والمستقبلية». هذه إشارة مباشرة لمسار التطبيع، لم تُذكر بالاسم لكنها تضعه في مهب الخطر.
فلسطين لم تكن غائبة أصلًا. قبل القمة مباشرة، قادت السعودية وفرنسا مؤتمر نيويورك، وصوّتت 142 دولة على «إعلان نيويورك» المعترف بدولة فلسطين. نيويورك أعادت فلسطين إلى الشرعية، والدوحة أعادتها إلى الردع.
قمة الدوحة تذكّر بقمة القاهرة 1990 بعد غزو صدام للكويت: رفعت الصوت، لكن الذي غيّر المعادلة كان الأفعال التي تلت. هذا هو الدرس اليوم.
لم تغير القمة ميزان القوى، لكنها رفعت الكلفة على إسرائيل؛ فإما أن تتحول البيانات إلى أفعال تضغط على تل أبيب وتضبط مسار التطبيع، أو تدخل إلى أرشيف القمم التي رفعت الصوت ولم توقف النار. وبالنسبة للخليج، هذا هو الامتحان الحقيقي.