20 يوليو 2025

من الدوحة إلى السويداء: رحلة فيصل القاسم من التحريض إلى الطائفية


‏أربعة عقود قضاها فيصل القاسم في قناة الجزيرة، متنقلاً بين أدوار المحرض والوطني و"صوت الضمير"، قبل أن تُسقط أحداث السويداء الأخيرة القناع عن وجهه الحقيقي: طائفي درزي لا يختلف عن أولئك الذين قضى عمره في "فضحهم". والحال أن الرجل الذي صدع رؤوسنا بـ"الاتجاه المعاكس" لم يكن يمارس سوى اتجاه واحد حين يصل الأمر إلى طائفته.
‏ذاك أن ما جرى في يوليو 2025 كان امتحاناً كاشفاً لمن يدعون الحياد. فالقاسم، ابن الثعلة في السويداء، لم يتردد في وصف العشائر البدوية بـ"البرابرة والمغول"، مستحضراً أسوأ ما في القاموس التحريضي. "من هم هؤلاء البرابرة والمغول الذين يقتلون الأطفال؟" يتساءل بانفعال، متجاهلاً من قام بالفعل ومن كان ردًا عليه.
‏الأخطر أنه يصور الدروز كضحايا يتعرضون لـ"حرب إبادة" التعبير نفسه الذي استخدمه حكمت الهجري، الزعيم الروحي الدرزي الذي التقاه القاسم. هذا التطابق ليس مصادفة: فالقاسم يردد ما تمليه القيادات الدرزية، مطالباً بـ"تدخل دولي" لحماية السويداء.
‏بيد أن المجموعات الدرزية المسلحة لم تكن بريئة. فالاشتباكات بدأت باستفزازات من الطرف الدرزي. أما الهجري فيقود خطاباً انفصالياً يهدد وحدة سوريا، مستقوياً بالخارج. والأنكى أن إسرائيل أعلنت أنها "لن تقف مكتوفة الأيدي"، فباتت تلعب دور "الحامي". أليس هذا الاستجداء لتدخل الدولة العبرية هو الخيانة بعينها؟ وهل يؤكد هذا أن الطائفة الدرزية بالسويداء متحالفة مع إسرائيل منذ البداية؟ وهل نحتاج لفتح كتب التاريخ لنثبت الظاهر الواضح من هذه المهزلة؟
‏المطالبة بـ"إدارة ذاتية" للسويداء ليست سوى خطوة على طريق التقسيم الذي تحلم به إسرائيل. وها هو القاسم يقدم خدماته لهذا المشروع، ملوحاً بفزاعة "الإبادة".
‏المفارقة أن القاسم الذي يصرخ دفاعاً عن "أهلنا في السويداء" هو نفسه الذي حرض على الطوائف الأخرى لسنوات. أين كان حرصه على "الأطفال الأبرياء" حين كان يبرر قتل أطفال الطوائف الأخرى؟
‏والحق أن المجموعات الدرزية المسلحة رفضت الانخراط في أي مشروع وطني، مفضلة عزلتها المسلحة، تستقوي بالخارج كلما ضاقت السبل. أليس هذا ما فعلته ميليشيات أخرى لم يتوقف القاسم عن شتمها؟
‏القاسم، الذي يتقاضى راتبه من قطر، سرعان ما كشف وجهه: درزي أولاً وأخيراً. هذا ما أكدته تغريداته التي تصور العشائر كمعتدين، والدروز كحملان تستحق الحماية الدولية.
‏ما يفعله القاسم والهجري إعادة إنتاج للعبة الطائفية التي دمرت المشرق. فبدلاً من حلول وطنية، يلجؤون للاستقواء بالخارج والتلويح بالانفصال. وهذا ما تريده إسرائيل: دويلات طائفية متناحرة.
‏يُثبت القاسم أنه لا يختلف عن أي زعيم ميليشيا طائفية. سلاحه ميكروفون بدلاً من الكلاشنكوف، لكن النتيجة واحدة: مزيد من التفتيت والدماء.
‏كم من "فيصل قاسم" آخر يختبئ خلف شعارات براقة، ينتظر اللحظة ليكشف وجهه الطائفي؟ وماذا ستفعل الجزيرة مع مذيعها الطائفي؟

3 دقيقة قراءة

الكاتب

اينشتاين السعودي

@SaudiEinestine

مشاركة المقالة عبر

Leaving SaudiEinstein Your about to visit the following url Invalid URL

Loading...
تعليقات


Comment created and will be displayed once approved.

مقالات مقترحة

جميع المقالات

© جميع الحقوق محفوظة ٢٠٢٤