02 أغسطس 2024

من رمال الصحراء إلى غبار المريخ: كيف تعيد السعودية تعريف حدود الممكن

تخيل أنك في عام 2035، جالس في مقهى معلق في الهواء في مدينة "نيوم". أمامك فنجان من القهوة السعودية، لكن هذه ليست قهوة عادية، إنها مزروعة في مختبرات تحاكي ظروف المريخ، جزء من مشروع طموح لاستكشاف إمكانية الزراعة على الكوكب الأحمر.
 
فجأة، تشعر بوخزة خفيفة في معصمك الأيسر - إنها الشريحة الحيوية المزروعة تحت جلدك- تنبهك لخبر عاجل. تغمض عينيك للحظة، وعندما تفتحهما، تجد نفسك محاطاً بعالم افتراضي مذهل بفضل العدسات اللاصقة الكمية فائقة الدقة. أمامك تتراقص صور ثلاثية الأبعاد في الهواء، تشكل فيديو هولوغرامي ثلاثي الأبعاد يقفز من الصفحات الافتراضية: "د. الجوهرة، مديرة قسم الابتكارات والذكاء الاصطناعي بوكالة الفضاء السعودية، تنجح في تحويل التربة المريخية إلى مصدر للأكسجين والماء".
 
بينما تحول أن تستوعب هذا الخبر المذهل، يقترب منك النادل، روبوت أنيق، مصنوع من السيليكون وتقنية النانو والذكاء الاصطناعي المتطور، يرتدي الثوب السعودي الأبيض والشماغ الأحمر، ويتحدث بلهجة نجدية أصيلة: "يا هلا والله، أسفرت وأنورت.. شفت الخبر؟ وش رايك بالإنجاز الفضائي الجديد؟ عسى عمرك طويل". تبتسم وأنت تجيب، مندهشاً - في داخلك - من تطور الذكاء الاصطناعي الذي يجعل التمييز بين الإنسان والآلة أمراً شبه مستحيل، وتطلب منه طلبات إضافية وتناقشه عن آخر التطورات في مدينة نيوم منذ زيارتك الأخيرة لها.
 
 الآن، دعونا نتوقف للحظة قبل أن نسبح بالخيال. قبل قرن، كان النفط هو "الذهب الأسود" الذي حول الصحراء السعودية إلى واحة ازدهار. اليوم، هل يمكن أن يكون الفضاء هو "الذهب الأزرق" الذي سيعيد تشكيل مستقبل المملكة والبشرية جمعاء؟ لكن كيف وصلنا من بئر نفط في الظهران إلى محطة فضاء على المريخ؟ الإجابة تكمن في رؤية تحولت إلى واقع. في عام 2018، ولدت الهيئة السعودية للفضاء. وفي 2023، تحولت إلى وكالة الفضاء السعودية، قفزة نوعية تعكس طموحاً كونياً.
 
 لكن هنا يأتي السؤال المهم: ما الذي يؤهل دولة صحراوية لقيادة سباق الفضاء في القرن الـ21؟ الإجابة قد تفاجئك: من هو رائد تحلية المياه في العالم؟ من حول الصحراء إلى واحات خضراء؟ نعم، إنها السعودية. تحتل المملكة الريادة العالمية في إنتاج المياه المحلاة، حيث تسهم بحوالي 20% من الإنتاج العالمي. وقد طورت تقنيات جديدة ثورية مثل تحلية المياه بالطاقة الشمسية لتقليل استهلاك الطاقة والانبعاثات الكربونية. والآن، تخيل نقل هذه الخبرة إلى المريخ. هل سنرى يوماً "بحر الأمل" السعودي على سطح الكوكب الأحمر؟ هل ستتحول كثبان المريخ الحمراء إلى حقول خضراء بفضل التقنيات السعودية المتطورة؟
 
 في جامعة كاوست، يعمل العلماء على تقنيات تحلية المياه والطاقة الشمسية التي قد تكون حبل النجاة لرواد الفضاء على سطح القمر الجاف. هل يمكن أن تتحول هذه الجامعة إلى منارة للعلوم الفضائية؟ 
 
 في عام 2022، وقعت المملكة على اتفاقية أرتيميس - تحالف دولي لاستكشاف القمر والمريخ. هذه الاتفاقية، التي تضم حالياً 42 دولة، تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي في استكشاف الفضاء، وتطوير تقنيات جديدة لتحقيق الاستدامة على القمر والمريخ. لكن السؤال هنا: هل يمكن لدولة نفطية أن تقود ثورة في الطاقة النظيفة الفضائية؟ لنتأمل الأرقام: 2.1 مليار دولار - هذا ما خصصته المملكة لبرامج الفضاء. من السياحة الفضائية إلى الاتصالات الكونية، المملكة تستثمر في مستقبل قد يكون أبعد مما نتخيل. لكن هل هذا كافٍ في سباق فضائي يتسارع يوماً بعد يوم؟
 
 ولكن، لماذا الفضاء؟ لماذا الآن؟ في عصر تتصارع فيه الدول على موارد الأرض المحدودة، واضح أن السعودية تنظر إلى الأعلى، إلى مستقبل لا حدود له. فهل ستكون هي من تحل أزمة الغذاء العالمية من خلال الزراعة الفضائية؟ هل سنرى يوماً مصانع سعودية على سطح القمر تنتج الطاقة النظيفة للأرض؟
 
لكن هناك تحدٍ أكبر: كيف يمكن لدولة تعتمد على النفط أن تقود العالم نحو مستقبل أخضر في الفضاء؟ هل يمكن للسعودية أن تحول خبرتها في استخراج النفط إلى استخراج موارد الفضاء بطريقة مستدامة؟ كيف سنضمن أن استكشاف الفضاء سيفيد البشرية جمعاء وليس فقط الدول الغنية؟
 
 دعونا نرفع أنظارنا من رمال الصحراء إلى نجوم السماء. فمن يدري؟ قد نكتشف أن الطريق إلى المستقبل - مستقبل السعودية ومستقبل البشرية - يمر عبر الفضاء الخارجي.
 
السؤال الآن: هل نحن مستعدون كبشر لهذه القفزة العملاقة؟ هل يمكننا تجاوز حدودنا الأرضية والعمل معاً لاستكشاف الكون؟ هل ستكون السعودية هي الجسر الذي يربط بين الشرق والغرب، بين الأرض والمريخ، بين ماضينا النفطي ومستقبلنا الكوني؟ وقد يكون السؤال الأهم هو: هل سنجد في الفضاء الخارجي الحلول لمشاكلنا الأرضية، أم سننقل تلك المشاكل معنا إلى النجوم؟

5 دقيقة قراءة

الكاتب

اينشتاين السعودي

@SaudiEinestine

مشاركة المقالة عبر

Leaving SaudiEinstein Your about to visit the following url Invalid URL

Loading...
تعليقات


Comment created and will be displayed once approved.

مقالات مقترحة

جميع المقالات

© جميع الحقوق محفوظة ٢٠٢٤