"Woke is bullshit!" قالها ترامب اليوم بصراحة مباشرة، ليُطلق رصاصة الرحمة على مسرحية هزلية طال عرضها. وما إن دوّت كلماته حتى انضم إليه إيلون ماسك، الذي يخوض حرباً شرسة ضد ما يسميه "فيروس العقل اليقظ". والحق أن تسميته بالفيروس دقيقة؛ فهو ينتشر بين الشباب كالوباء، ويصيب عقولهم بالشلل المنطقي.
لنتأمل معاً في بعض "إنجازات" دعاة الووك العظيمة: يريدون السماح للأطفال - نعم، الأطفال! - بتغيير جنسهم دون موافقة والديهم. وكأن الطفل الذي لا يُسمح له بشراء علبة سجائر يمكنه أن يقرر تغيير جنسه! أليست هذه قمة "التقدم" و"الوعي الاجتماعي"؟
ولا تقف الكوميديا السوداء عند هذا الحد. ففي عالم الرياضة، يسمحون للرجال المتحولين جنسياً بمنافسة النساء. تخيلوا معي: رجل يقرر فجأة أنه "يشعر" بأنه امرأة، فيُسمح له بتحطيم الأرقام القياسية النسائية! وحين تحتج الرياضيات الحقيقيات، يتهمونهن بـ"رهاب التحول الجنسي"!
أما "إنجازهم" الأروع فهو السماح للرجال المتحولين بدخول الحمامات النسائية وغرف تبديل الملابس. يعني إذا قرر رجل اليوم أنه "يشعر" بأنوثته، فله الحق في دخول هذه الأماكن الخاصة بالنساء! وإذا اعترضتِ، أيتها السيدة، فأنتِ "متحيزة" و"رجعية"!
وها هو إيلون ماسك يعيش المأساة بنفسه. ابنته - التي وُلدت ذكراً - لم تكتفِ بتغيير جنسها، بل قطعت علاقتها به تماماً. كما يقول بمرارة: "قُتلت" ابنتي بواسطة فيروس الووك. نعم، قُتلت؛ ليس جسدياً، بل فكرياً وعاطفياً.
أما في المدارس والجامعات، فحدّث ولا حرج. يعلّمون الطلاب أن البيولوجيا "متحيزة جنسياً"، وأن الاختلافات بين الجنسين "بناء اجتماعي". حتى الحقائق العلمية صارت "أداة قمع" يجب "تفكيكها"! وإذا قلتَ إن هناك فروقاً بيولوجية بين الذكر والأنثى، فأنت "متخلف" و"معادٍ للتقدم"!
والآن يريدون تصدير هذا الجنون إلى مجتمعاتنا المحافظة. عبر نتفليكس وديزني ويوتيوب وانستغرام وتيك توك وكل منصات "غسيل المخ" التي جاءت من حيث لا نعلم، يحاولون غسل أدمغة أطفالنا.
يريدوننا أن نقبل بأن "الجندر سائل"، وأن "الهوية الجنسية اختيار شخصي"، وأن الأسرة التقليدية "نظام قمعي"!
وحين تعترض، يرمونك بكل التهم الجاهزة: رهاب المثلية، رهاب التحول الجنسي، التحيز الجنسي، العنصرية المؤسسية... وكأن معارضة الجنون أصبحت جريمة!
لكن موقف ترامب وماسك اليوم يمثل صحوة ضرورية. إنه صرخة عقل في عالم فقد عقله. رفض للجنون باسم المنطق والفطرة السليمة. وهذا الموقف يصب في مصلحة مجتمعاتنا المحافظة التي تريد أن تحمي أبناءها من هذا الوباء الفكري.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سننتظر حتى يصل هذا الجنون إلى مدارسنا وجامعاتنا؟ هل سننتظر حتى يطالب رجل متحول بدخول حمام ابنتك؟ هل سننتظر حتى يقرر طفل في العاشرة تغيير جنسه لأنه "شاهد ذلك في نتفليكس"؟
إن المعركة ضد "الووك" هي معركة العقل ضد الجنون، الفطرة ضد التشويه، المنطق ضد الهذيان. وفي هذه المعركة، يقف ترامب وماسك في الخندق الصحيح: خندق العقل والمنطق والقيم الإنسانية الأصيلة.
ولعل السخرية الأكبر أن هؤلاء "المتنورين" يسمون أنفسهم "مستيقظين" (woke)، بينما هم في الواقع غارقون في سبات عميق من الأوهام والهذيان.
متى سيستيقظون حقاً؟ ربما عندما يكون الأوان قد فات، وتكون مجتمعاتهم قد تحولت إلى مسرح عبثي لا يعرف فيه أحد مَن هو، ولا ماذا يريد أن يكون!