30 أغسطس 2024

أهازيج البدو تعزف سيمفونية التقدم: صمت سخريتكم يكمل اللحن

 تحذير وتنويه: المقال موجه فقط لمن يحتقر السعوديين ويسيئون لهم. هو رد يقول: إن بَني عمك فيهم رماح. وهي تطبيق لمقولة حر فانتصر. فإن لم تكن من هذه الفئة؛ فأرجوك: لا تقرا المقال إطلاقًا. وإذا قرأته فاعلم أنه غير موجه إليك؛ ولكنه موجه للسفهاء القلة إنتصارًا لوطني وأهلي. وكما مدحت في السابق فلم أكذب فقلت أحسن ماعرفت، ولم أكذب في هذا فقلت أسوء ماعلمت. 
 ——
 أهازيج البدو تعزف سيمفونية التقدم: صمت سخريتكم يكمل اللحن
 
 من رمال الصحراء إلى آفاق المستقبل: صفعة مدوية للجهل وتحطيم للأوهام الشعبوية
 
 تخيل معي للحظة مشهداً على منصات التواصل الاجتماعي: شاب سعودي يعلن عن اختراع جديد في مجال الذكاء الاصطناعي، ليُقابَل بسيل من التعليقات الساخرة. "معقوله فيه سعودي بيفهم!" يكتب أحدهم بتهكم، وكأن العبقرية حكرٌ على جغرافيا بعينها. آخر يتساءل ساخراً: "هل اخترعته وأنت تشرب بول الإبل؟" وثالث يغرد: "عجباً! أصبح لدينا علماء في بلاد الجهل والتخلف!" وكأن العلم لا ينبت إلا في حدائق الغرب المزهرة، وأن صحراءنا عقيمة من الإبداع كما يظنون.
 
 هذا المشهد، للأسف، ليس من نسج الخيال. إنه واقع مرير نشهده يومياً؛ 
 يعكس جهلاً عميقاً بتاريخ المنطقة وحاضرها، وإسقاطاً لعقد نقص متجذرة في نفوس المتهكمين. ولكن دعونا نترك هؤلاء السفهاء جانباً، فهم كالنعام يدفنون رؤوسهم في رمال الجهل، كاشفين عن مؤخراتهم بكل صفاقة، ولنبحر معاً في رحلة عبر الزمن، لنكشف زيف ادعاءاتهم ونسلط الضوء على حقائق يحاولون طمسها.
 
 لنبدأ رحلتنا قبل أكثر من 9 آلاف عام، حين كانت الجزيرة العربية مهداً لحضارات عريقة، شهدت على عظمتها آثار الأخدود وقرية الفاو ومدائن صالح وغيرها. هذه الأرض التي يظنها الجهلة قاحلة، كانت يوماً خضراء يانعة، احتضنت إنساناً عربياً أبدع في الفن والعمارة والزراعة. ولعل من سخرية القدر أن يسخر اليوم من هذا التاريخ أحفاد من كانوا يعيشون في ظلمات الجهل حين كانت الجزيرة العربية منارة للعلم والحضارة.
 ثم جاء الإسلام، ليشع نوره من مكة والمدينة، وينطلق حاملو رسالته من هذه الأرض ليحرروا الشعوب من ظلم الطغاة. من هنا خرج أولئك الفاتحون الذين حرروا العراق من جور كسرى، والشام من استبداد الروم، ومصر من طغيان البيزنطيين. وأي تحرير كان ذاك! تحرير لم يقتصر على كسر الأغلال السياسية، بل امتد ليحرر العقول من أوهام الجاهلية، والألسن من لكنة العجمة.
 
 ولعل من أعظم المفارقات أن يسخر منا اليوم أحفاد من حررناهم، يتشدقون بلغة علمها إياهم أجدادنا. فيا للعجب! أيسخرون منا بلسان عربي مبين، نشره أسلافنا في ربوع الأرض؟ أيتباهون بحضارة أرسى دعائمها فاتحون خرجوا من قلب هذه الصحراء؟
 
 ولنتوقف للحظة عند ادعاءاتهم الباطلة عن "هدم الدولة السعودية الأولى" على يد محمد علي باشا. يا لسخرية التاريخ! أيفخرون بمستعمر ألباني احتل مصر قبل أن يحاول غزو الجزيرة العربية؟ أيتباهون "بجيش لم يكن مصرياً بل كان خليطاً من البربر والترك والسودانيين والمرتزقة" كما قال الكاتب "المصري" المعروف محمد جلال كشك في كتابه "السعوديون والحل الإسلامي"؟
 
 لنضع النقاط على الحروف: محمد علي باشا لم يكن مصرياً، بل كان مستعمراً ألبانياً من طرف العثمانيين على مصر. والأهم من ذلك، رغم الدعم العثماني والغربي الذي تلقاه، فإن السعوديين تمكنوا من طرد قواته بعد بضع سنوات فقط.
 
 وتبقى الحقيقة التاريخية الساطعة، السعودية الدولة الوحيدة التي لم تُستعمر ولم يحكمها إلا أهلها، فكيف يفاخرنا بذلك من لم يحكم نفسه بنفسه منذ 5000 سنة إلا بعد انقلاب على الأسرة العلوية الألبانية بمباركة المخابرات الأمريكية، لأنه رفض التفريط بملك السودان؟
 
 والأدهى والأمر كيف يفاخرونا بدولة جاء الفراعنة من خارج حدودها فحكموها وسخرت أهلها عبيداً؟ من الهكسوس إلى اليوم من حكم مصر؟ وهل من بلد حكمه العبيد غيرها من كافور الأخشيدي إلى المماليك بقصة لا تصلح إلا لأفلام بوليوود الهندية؟
 
 أيفاخروننا بقناة السويس؟ هل يعلمون قصتها أصلًا وأنها ثاني أكبر استعباد بالبشرية بعد استعباد الفراعنة للشعب المصري الطيب؟ هذه القناة التي كانت كابوسًا على أجداد هؤلاء الذين يعايروننا ببداوتنا؟ أُجبروا على العمل في المشروع تحت نظام السخرة. بتأثير من البريطانيين والفرنسيين، واندفع سعيد باشا لتنفيذ المشروع دون مراعاة للتكاليف البشرية الهائلة. 1.5 مليون عامل مصري أُجبروا على العمل في ظروف قاسية للغاية، مما أدى إلى وفاة حوالي 120,000 منهم بسبب سوء التغذية والأمراض والإرهاق. المشروع، الذي استمر من 1859 حتى 1869، كان نموذجًا للاستغلال البشري لتحقيق أهداف اقتصادية واستراتيجية لدول أجنبية على حساب الشعب المصري. .بعد اكتمال بناء قناة السويس في عام 1869، وجدت مصر نفسها غارقة في الديون التي تكبدتها لتمويل هذا المشروع الضخم. الخديوي إسماعيل باشا، الذي خلف سعيد باشا، كان ملتزمًا بتحقيق رؤيته "الهبلاء" لتحويل مصر إلى "جزء من أوروبا"، ولكنه دفع البلاد نحو الإفلاس بسبب القروض مما أدى بالنهاية إلى قصة استعمار جديدة لمصر التي لم يبق أحدًا لم يستعمرها، ولكن هذه المرة من الإنجليز! 
 يعايرنا أحدهم بحماقة ويقول السعوديين أحفاد أبوجهل! هل يعلم هذا المعتوه أن أبناء وأحفاد أبوجهل أسلموا وحسن إسلامهم! هل يعلمون أنهم يسيئون للصحابي الجليل عكرمة بن أبي جهل بطل حرب اليرموك؟

 ولكن دعونا نترفع عن هذا السفه التاريخي، ولننظر إلى الحاضر المشرق والمستقبل الواعد. فها هي المملكة العربية السعودية اليوم، وريثة ذلك الإرث الحضاري العظيم، تقود العالم في مجالات شتى. أتسخرون من "أينشتاين السعودي"؟ حسناً، فلتنظروا إلى جامعة الملك سعود، التي تتربع على المرتبة 90 عالمياً وفقاً لتصنيف شنغهاي للجامعات لعام 2024. أم تشككون في قدرتنا على الابتكار؟ فلتتأملوا في الأربع جامعات السعودية المصنفة ضمن أفضل 100 جامعة في العالم من حيث براءات الاختراع. جامعة الملك فهد للبترول والمعادن حققت المرتبة الرابعة عالمياً في عام 2019، مسجلةً 225 براءة اختراع. أين نجد مثل هذه الأرقام في جامعات الدول التي يتباهى بعض أبنائها بأنهم "علموا" السعودية؟ هل أصلاً موجودين في هذه المؤشرات؟
 
 ولنأخذ أمثلة ملموسة على الابتكارات السعودية الحديثة. في مجال الطب، طور باحثون سعوديون تقنية جديدة للعلاج الجيني تستهدف الخلايا السرطانية بدقة، مما يقلل من الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي التقليدي. وفي مجال الطاقة المتجددة، طورت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (KAUST) خلايا شمسية فائقة الكفاءة باستخدام مواد البيروفسكايت، وهي الآن من بين الأكثر كفاءة في العالم. أما في مجال الذكاء الاصطناعي، فتقود السعودية مشاريع رائدة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي في إدارة المدن الذكية، كما هو الحال في مشروع نيوم.
 وماذا عن مزاعمكم بأنكم "علّمتم" السعوديين؟ الأسطوانة المشروخة: (إحنا الي علمناكو) يا للهزل! إن استقدام المعلمين العرب كان خياراً رحيماً، له أبعاد متعددة غابت عن أعين المتهكمين. أولاً، كان هذا القرار جزءاً من استراتيجية أشمل لدعم الدول العربية الشقيقة اقتصادياً. فبدلاً من تقديم مساعدات مالية مباشرة، اختارت المملكة توفير فرص عمل لآلاف المعلمين العرب، مما ساهم في دعم اقتصادات بلدانهم. ثانياً، ساهم هذا القرار في تعزيز الروابط الثقافية والاجتماعية بين السعودية والدول العربية الأخرى، مما عزز مكانة المملكة كقلب نابض للعالم العربي. وثالثاً، وهذا هو الأهم، استثمرت المملكة في تعليم أبنائها وبناتها، الذين أصبحوا اليوم يتبوؤون مناصب قيادية في أرقى المؤسسات العلمية والأكاديمية حول العالم.
 وهنا لابد من الإشارة إلى حقيقة صادمة لهؤلاء المتباهين بتعليمنا. فبينما يبلغ معدل محو الأمية في السعودية 97.59٪، نجد أن نسبة الأمية في مصر - على سبيل المثال - تصل إلى 25.5٪ من السكان البالغين. فمن يُعلِّم من يا ترى؟ أهم الذين يبيعون شهادات جامعاتهم على الأرصفة، أم نحن الذين ابتعثنا أكثر من 200,000 طالب للدراسة في أرقى جامعات العالم؟
 
 ومن هذه الأسطوانة المشروخة إلى النهيق الآخر: "إحنا الي بنينا بلدكو". نفس الحماقة تتكرر، هل يعلم هؤلاء أن ثلاثة ملايين مصري على سبيل المثال يصنفون كعمالة غير ماهرة مفروضين على رجال الأعمال السعوديين بدلًا من العمالة الأسيوية الماهرة، والتي تحفظ الود والمعروف، وأرخص اقتصاديا؟ ألا يعلمون أن سبب ذلك التاريخي هو الحفاظ على اقتصادات الدول العربية من الإنهيار؟ ماذا لو تم ترحيل كافة المقيمين المصريين واللبنانيين واستبدلناهم بعمالة ماهرة متميزة وأرخص من آسيا ومن القوقاز؟ أأصبحت مرؤتنا ومحاسننا اللاتي ندل بها عيوبًا في نظر هؤلاء؟ 
 
 ولننتقل الآن إلى المشاريع التنموية الكبرى التي تقودها المملكة، والتي تعكس رؤيتها الطموحة للمستقبل. مشروع "نيوم"، ذلك الحلم الذي يتحول إلى حقيقة، ليس مجرد مدينة ذكية، بل هو رؤية متكاملة لمستقبل البشرية، تجمع بين التطور التكنولوجي والاستدامة البيئية والقيم الإنسانية. ومشروع "البحر الأحمر" الذي يعيد تعريف السياحة الفاخرة مع الحفاظ على البيئة البحرية الفريدة. وماذا عن "القدية"، ذلك الصرح الترفيهي والثقافي الذي سيكون وجهة عالمية تنافس أشهر المدن الترفيهية في العالم؟
 
 ولعل من أبرز الأمثلة على الجمع بين الأصالة والحداثة ما نراه في الأسلوب المعماري "السلماني"، الذي يعكس هوية المملكة الثقافية مع مواكبة أحدث التقنيات العالمية؛ فمشروع "فيّا الرياض" يجسد هذا التناغم الفريد بين التراث والابتكار، ليس فقط في شكله الخارجي، بل في جوهره الذي يحتضن التقدم التكنولوجي ضمن إطار ثقافي أصيل.
 وماذا عن جهود المملكة في الحفاظ على التراث العالمي؟ لقد نجحت السعودية في تسجيل ثمانية مواقع على قائمة التراث العالمي لليونسكو، آخرها موقع الفاو الأثري في يوليو 2024. هذه الجهود تعكس التزام المملكة بالحفاظ على تراثها الثقافي والتاريخي، مع تطويره ليتناسب مع متطلبات العصر.
 أما في مجال الطاقة المتجددة، فالسعودية تقود العالم نحو مستقبل أكثر استدامة. مشروع "سكاكا" للطاقة الشمسية ومشروع "دومة الجندل" لطاقة الرياح هما مجرد بداية لثورة خضراء تقودها المملكة. فبينما تتشدق دول أخرى بالحفاظ على البيئة، تترجم السعودية الأقوال إلى أفعال، مستهدفة توليد ما بين 100 و130 جيجاوات من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
 ولا يمكننا الحديث عن إنجازات المملكة دون التطرق إلى دورها الريادي في خدمة الحرمين الشريفين. فالتوسعة الكبرى للمسجد الحرام في مكة المكرمة، وتطوير المسجد النبوي في المدينة المنورة، ليسا مجرد مشاريع عمرانية، بل هما تجسيد لالتزام المملكة بخدمة الإسلام والمسلمين. ومع إدخال التقنيات الحديثة في إدارة الحشود وتنظيم الحج والعمرة، أصبحت السعودية نموذجاً يحتذى به في الجمع بين التراث الديني والتقدم التكنولوجي.
 ولعل من أبرز إنجازات المملكة في السنوات الأخيرة هو التحول الاجتماعي والثقافي الذي تشهده. فتمكين المرأة السعودية وزيادة مشاركتها في سوق العمل ليس مجرد شعار، بل حقيقة ملموسة تعكسها الأرقام. فقد ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 19٪ في عام 2016 إلى أكثر من 33٪ في عام 2023. هذا التغيير الجذري يعكس التزام المملكة برؤية 2030 التي تهدف إلى بناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر.
 
 والآن، دعونا نتناول تلك التهكمات السخيفة حول "شرب بول الإبل" ومسابقات الجمال. أولاً، من المهم التأكيد على أن الحديث النبوي الذي يشير إلى فوائد ألبان وأبوال الإبل كان في سياق تاريخي وطبي معين. وحتى في العصر الحديث، بدأ العلم يكتشف فوائد طبية لمكونات حليب الإبل. فعلى سبيل المثال، تم اكتشاف أجسام مضادة نانوية في حليب الإبل قد تفتح آفاقاً جديدة في علاج بعض الأمراض. ثانياً، إن الاهتمام بالتراث والطب النبوي لا يعني بأي حال من الأحوال إهمال الطب الحديث. فالسعودية تستثمر مليارات الدولارات في البحث الطبي والتكنولوجيا الصحية المتقدمة، وكون البعض يطبق الحديث الصحيح من باب التبرك بالطب النبوي دون تحجيم الطب المعاصر وأثره فمالعيب بذلك ؟ 
 
 أما بالنسبة لمسابقات "المزاين للأبل"، فهي جزء من التراث الثقافي للمنطقة، تماماً كما هي "مزاين" الخيول في الغرب. هذه المسابقات تعكس تقديراً عميقاً للجمال والقوة في الحيوانات التي لعبت دوراً محورياً في تاريخ المنطقة وثقافتها؛ وهل يعيب أمة أن تحتفي بتراثها وتقاليدها؟ أليست هذه الممارسات جزءاً من التنوع الثقافي الذي يثري الحضارة الإنسانية؟ وفوق هذا كله ألم يتفكروا لأسباب أمر الله تعالى للبشر بأن يتأملوا في قدرته بخلق الأبل، ولم يقل البغل والحمار الذي هو إلى اليوم وسيلة تنقل عدد لا يستهان بهم في تلك البلاد؟
 
 ولعل من المهم هنا أن نتوقف لنحلل الدوافع النفسية والاجتماعية وراء هذه التهكمات. إنها في جوهرها تعبير عن عقدة نقص متأصلة وإسقاط لفشل داخلي على الآخرين. فالنجاح السعودي المتسارع في مجالات متعددة يثير مشاعر الحسد والغيرة لدى البعض، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها دول أخرى في المنطقة. وبدلاً من الاعتراف بهذا النجاح والتعلم منه، يلجأ البعض إلى السخرية كآلية دفاع نفسي. كما أن هناك عاملاً آخر يتمثل في الصدمة الثقافية التي يعاني منها البعض نتيجة للتغيرات السريعة التي تشهدها المملكة؛ فالصورة النمطية القديمة عن السعودية كبلد محافظ ومنغلق لم تعد تتماشى مع الواقع الجديد، مما يخلق حالة من عدم التصديق والإنكار لدى البعض. وبدلاً من تحديث معلوماتهم وتصوراتهم، يلجؤون إلى التمسك بالصور القديمة والسخرية من التغيير.
 ومن الجدير بالذكر أن السعودية لم تكتف بالتطور الداخلي، بل امتد تأثيرها ليشمل العالم العربي والإسلامي بأسره. فمن خلال المؤسسات التعليمية كالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، ورابطة العالم الإسلامي، تلعب المملكة دوراً محورياً في نشر الفكر الإسلامي المعتدل ومكافحة التطرف.
 كما أن دورها في دعم الاقتصادات العربية، سواء من خلال الاستثمارات المباشرة أو المساعدات الإنسانية أو ودائع الرحمة البنكية لاقتصادات على شفى حفرة من الأفلاس، يجعلها ركيزة أساسية للاستقرار في المنطقة. وفي مجال الطاقة، تعمل السعودية على ضمان استقرار أسواق النفط العالمية، مع الالتزام في الوقت نفسه بالتحول نحو مصادر الطاقة النظيفة. فمبادرة "السعودية الخضراء" تهدف إلى زراعة 10 مليارات شجرة وخفض انبعاثات الكربون بنسبة 60٪. هذه الجهود تضع المملكة في طليعة الدول التي تواجه تحديات التغير المناخي بشكل جدي وملموس.
 وفي المجال الإنساني، تعد السعودية من أكبر المانحين للمساعدات في العالم. فمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية قدم مساعدات لأكثر من 80 دولة حول العالم، مما يعكس التزام المملكة بدورها الإنساني العالمي.
 ولعل من أبرز تجليات الدور الحضاري للمملكة العربية السعودية ما نشهده من جهود جبارة في إحياء التراث الفني العربي وتكريم رموزه. فبينما يتشدق المتهكمون بأمجاد ماضية، ها هي المملكة تعيد إحياء هذا الماضي بأدوات الحاضر وتقنيات المستقبل. أي إبداع ذاك الذي جعل كوكب الشرق، أم كلثوم، تعود لتشدو في صحراء العلا! نعم، لقد أعادت السعودية، من خلال تقنية الهولوجرام، صوت وصورة سيدة الغناء العربي، لتغني "ألف ليلة وليلة" و"إنت عمري" لجمهور جديد، في مزج فريد بين عبق الماضي وسحر التكنولوجيا.
 وماذا عن تكريم عمالقة الفن العربي الأحياء؟ لقد شهدنا كيف احتفت المملكة بالفنان الكبير عادل إمام، ذلك الرمز الذي طالما أضحك العرب وأبكاهم. وفي لفتة إنسانية تستحق كل التقدير، أعادت السعودية إلى الأضواء فنانة كبيرة كادت أن تطويها صفحات النسيان. فها هي نجاة الصغيرة، بعد سنوات من الغياب، تعود لتغني في الرياض، وكأن المملكة تقول للعالم: إن الفن الأصيل لا يموت، وإن رموزنا الثقافية ستظل خالدة في وجداننا.
 إن هذه الجهود، التي تقودها هيئة الترفيه ووزارة الثقافة ومجموعة MBC بقيادة قائد أوركسترا "إنقاذ الفن العربي" من الموت البطيء معالي المستشار تركي آل الشيخ، ليست مجرد فعاليات عابرة، بل هي مشروع حضاري متكامل يهدف إلى إعادة إحياء التراث الثقافي العربي وتقديمه للأجيال الجديدة بصورة عصرية. فمن خلال صندوق دعم الأفلام بقيمة 129 مليون دولار، وتنظيم حفلات الجوائز الكبرى مثل "Joy Awards"، تؤكد المملكة أن دورها لا يقتصر على الحفاظ على التراث، بل يمتد إلى صناعة المستقبل الثقافي للعالم العربي.
 فيا أيها المتهكمون، أين أنتم من هذه النهضة الثقافية الشاملة؟ أين جهودكم في إحياء تراثكم وتكريم رموزكم؟ إن السعودية، التي تتهمونها زوراً بالتخلف الثقافي، هي من تعيد اليوم رسم خارطة الثقافة العربية، مستلهمة الماضي، ومستشرفة المستقبل، وصانعة الحاضر بكل عزم وإصرار.
 ولنتحدث الآن عن التفوق التقني الذي تحققه المملكة. في مجال الأمن السيبراني، احتلت السعودية المرتبة الثانية عالمياً في مؤشر الأمن السيبراني لعام 2023. هذا الإنجاز ليس مجرد رقم، بل هو درع رقمي يحمي مصالح المملكة ويعزز مكانتها في عصر المعلومات.
 وماذا عن الذكاء الاصطناعي؟ لقد حققت المملكة المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر استراتيجية الحكومة للذكاء الاصطناعي، متفوقة على دول عملاقة كألمانيا والصين. وفي مؤشر الوعي العام بالذكاء الاصطناعي، جاءت السعودية في المرتبة الثانية عالمياً. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي بوصلة تشير إلى مستقبل رقمي مشرق تقوده المملكة.
 وفي الختام، أقول لهؤلاء المتهكمين: إن التاريخ لا يرحم الساخرين والجاهلين. فكم من حضارة ازدهرت ثم اندثرت، وكم من أمة تفاخرت ثم تلاشت. أما السعودية، فإنها تسير بخطى واثقة نحو المستقبل، مستلهمة من ماضيها العريق، ومستشرفة آفاقاً جديدة للعلم والمعرفة والازدهار.
 إن المملكة العربية السعودية اليوم، بقيادتها الحكيمة ورؤيتها الطموحة، تقدم نموذجاً فريداً للتنمية المستدامة التي تحترم الماضي وتستشرف المستقبل. فهي لم تكتف بالحفاظ على تراثها، بل عملت على إحيائه وتطويره ليتناسب مع متطلبات العصر.
 
 فكفوا عن التهكم، وابدؤوا بالتعلم. فلعل في تجربة السعودية ما يلهم الأمة جمعاء للنهوض من كبوتها والعودة إلى مكانتها الرائدة بين الأمم.
 
 وإن لم تفعلوا، فاصمتوا صمت القبور، فهو أرحم لكم من فضح جهلكم وكشف عوراتكم الفكرية أمام العالم. فالسعودية اليوم ليست مجرد دولة، بل هي مشروع حضاري متكامل، يعيد كتابة التاريخ ويرسم ملامح المستقبل.. وأن عدتم عدنا.

20 دقيقة قراءة

الكاتب

اينشتاين السعودي

@SaudiEinestine

مشاركة المقالة عبر

Leaving SaudiEinstein Your about to visit the following url Invalid URL

Loading...
تعليقات


Comment created and will be displayed once approved.

مقالات مقترحة

جميع المقالات

© جميع الحقوق محفوظة ٢٠٢٤